الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
مطلب في الكلام على الرشوة والهدية (قوله: أخذ القضاء برشوة) بتثليث الراء قاموس وفي المصباح الرشوة بالكسر ما يعطيه الشخص الحاكم وغيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد، جمعها رشا مثل سدرة وسدر، والضم لغة وجمعها رشا بالضم ا هـ. وفيه البرطيل بكسر الباء الرشوة وفتح الباء عامي. وفي الفتح: ثم الرشوة أربعة أقسام: منها ما هو حرام على الآخذ والمعطي وهو الرشوة على تقليد القضاء والإمارة. الثاني: ارتشاء القاضي ليحكم وهو كذلك ولو القضاء بحق؛ لأنه واجب عليه. الثالث: أخذ المال ليسوي أمره عند السلطان دفعا للضرر أو جلبا للنفع وهو حرام على الآخذ فقط وحيلة حلها أن يستأجره يوما إلى الليل أو يومين فتصير منافعه مملوكة ثم يستعمله في الذهاب إلى السلطان للأمر الفلاني، وفي الأقضية قسم الهدية وجعل هذا من أقسامها فقال: حلال من الجانبين كالإهداء للتودد وحرام منهما كالإهداء ليعينه على الظلم وحرام على الآخذ فقط، وهو أن يهدى ليكف عنه الظلم والحيلة أن يستأجره إلخ قال: أي في الأقضية هذا إذا كان فيه شرط أما إذا كان بلا شرط لكن يعلم يقينا أنه إنما يهدي ليعينه عند السلطان فمشايخنا على أنه لا بأس به، ولو قضى حاجته بلا شرط ولا طمع فأهدى إليه بعد ذلك فهو حلال لا بأس به وما نقل عن ابن مسعود من كراهته فورع الرابع: ما يدفع لدفع الخوف من المدفوع إليه على نفسه أو ماله حلال للدافع حرام على الآخذ؛ لأن دفع الضرر عن المسلم واجب ولا يجوز أخذ المال ليفعل الواجب، ا هـ. ما في الفتح ملخصا. وفي القنية الرشوة يجب ردها ولا تملك وفيها دفع للقاضي أو لغيره سحتا لإصلاح المهم فأصلح ثم ندم يرد ما دفع إليه ا هـ. وتمام الكلام عليها في البحر ويأتي الكلام على الهدية للقاضي والمفتي والعمال. (قوله: للسلطان) صفة لرشوة أي دفعها القاضي له وكذا لو دفعها غيره كما في البحر عن البزازية. (قوله: أو ارتشى) المناسب إسقاطه؛ لأنه يغني عنه قوله ولو كان عدلا مع ما فيه من الإبهام كما تعرفه. (قوله: لا ينفذ حكمه) فيه إيهام التسوية بين المسألتين، ومع أنه إذا أخذ القضاء بالرشوة لا يصير قاضيا، كما في الكنز. قال في البحر، وهو الصحيح ولو قضى لم ينفذ وبه يفتى ا هـ. ومثله في الدرر عن العمادية وأما إذا ارتشى أي بعد صحة توليته سواء ارتشى ثم قضى أو قضى ثم ارتشى كما في الفتح. فحكى في العمادية فيه ثلاثة أقوال قيل: إن قضاءه نافذ فيما ارتشى فيه وفي غيره وقيل: لا ينفذ فيه وينفذ فيما سواه، واختاره السرخسي وقيل لا ينفذ فيهما والأول اختاره البزدوي واستحسنه في الفتح؛ لأن حاصل أمر الرشوة فيما إذا قضى بحق إيجاب فسقه، وقد فرض أنه لا يوجب العزل فولايته قائمة وقضاؤه بحق فلم لا ينفذ وخصوص هذا الفسق غير مؤثر، وغاية ما وجه أنه إذا ارتشى عامل لنفسه معنى والقضاء عمل لله تعالى ا هـ. قال في النهر تبعا للبحر: وأنت خبير بأن كون خصوص هذا الفسق غير مؤثر ممنوع، وبل يؤثر بملاحظة كونه عملا لنفسه، وبهذا يترجح وما اختاره السرخسي وفي الخانية أجمعوا أنه إذا ارتشى لا ينفذ قضاؤه فيما ارتشى فيه ا هـ. قلت حكاية الإجماع منقوضة بما اختاره البزدوي، واستحسنه في الفتح وينبغي اعتماده للضرورة في هذا الزمان وإلا بطلت جميع القضايا الواقعة الآن؛ لأنه لا تخلو قضية عن أخذ القاضي الرشوة المسماة بالمحصول قبل الحكم أو بعده فيلزم تعطيل الأحكام، وقد مر عن صاحب النهر في ترجيح أن الفاسق أهل للقضاء أنه لو اعتبر العدالة لانسد باب القضاء فكذا يقال هنا وانظر ما سنذكره في أول باب التحكيم وفي الحامدية عن جواهر الفتاوى قال شيخنا وإمامنا جمال الدين البزدوي أنا متحير في هذه المسألة لا أقدر أن أقول تنفيذ أحكامهم لما أرى من التخليط والجهل والجراءة فيهم، ولا أقدر أن أقول لا تنفيذ؛ لأن أهل زماننا كذلك فلو كذلك فلو أفتيت بالبطلان أدى إلى إبطال الأحكام جميعا يحكم الله بيننا وبين قضاة زماننا أفسدوا علينا ديننا، وشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم لم يبق منهم إلا الاسم والرسم ا هـ. هذا في قضاة ذلك الزمان، فما بالك في قضاة زماننا فإنهم زادوا على من قبلهم باعتقادهم حل ما يأخذونه من المحصول بزعمهم الفاسد أن السلطان يأذن لهم بذلك، وسمعت من بعضهم أن المولى أبا السعود أفتى بذلك، وأظن أن ذلك افتراء عليه وانظر ما سنذكره قبيل كتاب الشهادات، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. (قوله: ومنه إلخ) أي من قسم أخذ القضاء بالرشوة وهذا يسمى الآن مقاطعة والتزاما بأن يكون على رجل قضاء ناحية فيدفع له آخر شيئا معلوما ما ليقضي فيها ويستقل بجميع ما يحصله ومن المحصول لنفسه وذكر في الخيرية في شأنهم نظما يصرح بكفرهم. (قوله: لكن في الفتح إلخ) استدراك على قوله أو شفاعة. (قوله: أو بغيره) كزنا أو شرب خمر. (قوله: لأنها المعظم) أي معظم ما يفسق به القاضي نهر. (قوله: استحق العزل) هذا ظاهر المذهب وعليه مشايخنا البخاريون والسمرقنديون ومعناه أنه يجب على السلطان عزله ذكره في الفصول، وقيل: إذا ولى عدلا ثم فسق انعزل؛ لأن عدالته مشروطة معنى؛ لأن موليه اعتمدها فيزول بزوالها وفيه أنه لا يلزم من اعتبار ولايته لصلاحيته تقييدها به على وجه تزول بزواله فتح ملخصا. (قوله: وقيل ينعزل وعليه الفتوى) قال في البحر بعد نقله وهو غريب والمذهب خلافه. (قوله: ثم صلح) أي بالطاعة أو الإسلام ط. (قوله: فهو على قضائه) مخالف لما في البحر عن البزازية أربع خصال: إذا حلت بالقاضي يعزل فوات السمع أو البصر أو العقل أو الدين ا هـ. لكن قال بعده، وفي الواقعات الحسامية الفتوى على أنه لا ينعزل بالردة فإن المكفر لا ينافي ابتداء القضاء في إحدى الروايتين، ثم قال وبه علمت أن ما مر على خلاف المفتى به وفي الولوالجية إذا ارتد أو فسق ثم صلح فهو على حاله؛ لأن الارتداد فسق، وبنفس الفسق لا ينعزل إلا أن ما قضى في حال الردة باطل ا هـ. قلت: وظاهر ما في الولوالجية أن ما قضاه في حال الفسق نافذ وهو الموافق لما مر إلا أن يراد بالفسق في عبارة الخلاصة الفسق بالرشوة تأمل. (قوله: واعتمده في البحر) فيه أن الذي اعتمده في البحر هو قوله فصار الحاصل: أنه إذا فسق لا ينعزل وتنفذ قضاياه إلا في مسألة هي ما إذا فسق بالرشوة فإنه لا ينفذ في الحادثة التي أخذ بسببها قال وذكر الطرسوسي أن من قال باستحقاقه العزل قال بصحة أحكامه ومن قال بعزله قال ببطلانها ا هـ. (قوله: لكن في أول دعوى الخانية إلخ) حيث قال كما في البحر: والوالي إذا فسق فهو بمنزلة القاضي يستحق العزل ولا ينعزل ا هـ. وأنت خبير بأن هذا لا يخالف ما في الفتح فافهم. مطلب السلطان يصير سلطانا بأمرين نعم نقل في البحر عن الخانية أيضا من الردة أن السلطان يصير سلطانا بأمرين: بالمبايعة معه من الأشراف والأعيان وبأن ينفذ حكمه على رعيته خوفا من قهره، فإن بويع ولم ينفذ فيهم حكمه لعجزه عن قهرهم لا يصير سلطانا فإذا صار سلطانا بالمبايعة فجاز إن كان له قهر وغلبة لا ينعزل؛ لأنه لو انعزل يصير سلطانا بالقهر والغلبة فلا يفيد وإن لم يكن له قهر وغلبة ينعزل ا هـ. فكان المناسب الاستدراك بهذه العبارة الثانية ليفيد حمل ما في الفتح على ما إذا كان له قهر وغلبة. (قوله: وينبغي أن يكون إلخ) ويكون شديدا من غير عنف لينا من غير ضعف؛ لأن القضاء من أهم أمور المسلمين فكل من كان أعرف وأقدر وأوجه وأهيب، وأصبر على ما يصيبه من الناس كان أولى وينبغي للسلطان أن يتفحص في ذلك ويولي من هو أولى لقوله عليه الصلاة والسلام: «من قلد إنسانا عملا وفي رعيته من هو أولى فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين» بحر ومثله في الزيلعي فقوله: وينبغي بمعنى يطلب أي المطلوب منه أن تكون صفته هكذا وقوله: كان أولى أي أحق وهذا لا يدل على أن ذلك مستحب، فإن الحديث يدل على إثم السلطان بتوليته غير الأولى فافهم. مطلب في تفسير الصلاح والصالح (قوله: موثوقا به) أي مؤتمنا من وثقت به أثق بكسرهما ثقة ووثوقا ائتمنته والعفاف والكف عن المحارم وخوارم المروءة، والمراد بالوثوق بعقله كونه كاملة، فلا يولي الأخف وهو ناقص العقل والصلاح خلاف الفساد وفسر الخصاف الصالح بمن كان مستورا غير مهتوك، ولا صاحب ريبة مستقيم الطريقة سليم الناحية كامن الأذى قليل السوء، ليس بمعاقر للنبيذ ولا ينادم عليه الرجال وليس بقذاف للمحصنات، ولا معروفا بالكذب فهذا عندنا من أهل الصلاح ا هـ. والمراد بعلم السنة ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا وتقريرا عند أمر يعانيه وبوجوه الفقه طرقه بحر ملخصا والأثر كما قال السخاوي لغة: البقية، واصطلاحا: الأحاديث مرفوعة أو موقوفة على المعتمد وإن قصره بعض الفقهاء على الثاني. مطلب في الاجتهاد وشروطه (قوله: والاجتهاد شرط الأولوية) هو لغة بذل المجهول في تحصيل ذي كلفة وعرفا ذلك من الفقيه في تحصيل حكم شرعي قال في التلويح ومعنى بذل الطاقة أن يحس من نفسه العجز عن المزيد عليه وشروطه الإسلام والعقل والبلوغ وكونه فقيه النفس أي شديد الفهم بالطبع وعلمه باللغة العربية وكونه حاويا لكتاب الله تعالى فيما يتعلق بالأحكام وعالما بالحديث متنا وسندا وناسخا ومنسوخا وبالقياس وهذه الشرائط في المجتهد المطلق الذي يفتي في جميع الأحكام وأما المجتهد في حكم دون حكم فعليه معرفة ما يتعلق بذلك الحكم مثلا كالاجتهاد في حكم متعلق بالصلاة لا يتوقف على معرفة جميع ما يتعلق بالنكاح ا هـ. ومراد المصنف هنا الاجتهاد بالمعنى الأول نهر. (قوله: لتعذره) أي لأنه متعذر الوجود في كل زمن، وفي كل بلد فكان شرط الأولوية بمعنى أنه إن وجد فهو الأولى بالتولية فافهم. (قوله: على أنه) متعلق بمحذوف أي قلنا بالتعذر في كل زمن بناء على أنه إلخ. (قوله: عند الأكثر) خلافا لما قيل إنه لا يخلو عنه زمن وتمام ذلك في كتب الأصول. (قوله: فصح توليته العامي) الأولى في التفريع أن يقال: فصح تولية المقلد؛ لأنه مقابل المجتهد ثم إن المقلد يشمل العامي، ومن له تأهل في العلم والفهم، وعين ابن الغرس الثاني قال وأقله أن يحسن بعض الحوادث، والمسائل الدقيقة وأن يعرف طريق تحصيل الأحكام الشرعية من كتب المذهب، وصدور المشايخ وكيفية الإيراد، والإصدار في الوقائع والدعاوى والحجج، ونازعه في النهر ورجح أن المراد الجاعل لتعليلهم بقولهم لأن إيصال الحق إلى مستحقه يحصل بالعمل بفتوى غيره قال في الحواشي واليعقوبية: إذ المحتاج إلى فتوى غيره هو من لا يقدر على أخذ المسائل من كتب الفقه وضبط أقوال الفقهاء ا هـ. ونحوه في البحر عن العناية وكذا رجحه ابن الكمال. قلت: وفيه للبحث مجال فإن المفتي عند الأصوليين هو المجتهد كما يأتي فيصير المعنى أنه لا يشترط في القاضي أن يكون مجتهدا؛ لأنه يكفيه العمل باجتهاد غيره: ولا يلزم ومن هذا أن يكون عاميا لكن قد يقال إن الاجتهاد كما تعذر في القاضي تعذر في المفتي الآن فإذا احتاج إلى السؤال عمن ينقل الحكم، ومن الكتب يلزم أن يكون غير قادر على ذلك تأمل. (قوله: المفتي يفتي بالديانة) مثلا إذا قال رجل: قلت لزوجتي أنت طالق قاصدا بذلك الإخبار كاذبا فإن المفتي يفتيه بعدم الوقوع والقاضي يحكم عليه بالوقوع؛ لأنه يحكم بالظاهر، فإذا كان القاضي يحكم بالفتوى يلزم بطلان حكمه في مثل ذلك، فدل على أنه لا يمكنه القضاء بالفتوى في كل حادثة، وفيه نظر فإن القاضي إذا سأل المفتي عن هذه الحادثة لا يفتيه بعدم الوقوع؛ لأنه إنما سأله عما يحكم به، فلا بد أن يبين له حكم القضاء فعلم أن ما في البزازية لا ينافي قولهم يحكم بفتوى غيره. (قوله: في الدماء والفروج) أي وفي الأموال لكن خصهما بالذكر؛ لأنه لا يمكن فيهما الاستباحة بوجه بخلاف المال ولقصد التمويل فإن الحاكم الذي مجرى أحكامه في ذلك لا بد أن يكون عالما دينا. قوله: كالكبريت الأحمر) معدن عزيز الوجود والجار والمجرور متعلق بمحذوف على أنه حال أو خبر لمبتدأ محذوف. (قوله: وأين العلم) عبارة البزازية وأين الدين والعلم. مطلب طريق التنقل عن المجتهد (قوله: بل هو نقل كلام) وطريق نقله لذلك عن المجتهد أحد أمرين: إما أن يكون له سند فيه، أو يأخذ من كتاب معروف تداولته الأيدي نحو كتب محمد بن الحسن، ونحوها من التصانيف المشهورة للمجتهدين؛ لأنه بمنزلة الخبر المتواتر المشهور هكذا ذكر الرازي، فعلى هذا لو وجد بعض نسخ النوادر في زماننا لا يحل عزو ما فيها إلى محمد ولا إلى أبي يوسف؛ لأنها لم تشتهر في عصرنا في ديارنا ولم تتداول. نعم إذا وجد النقل عن النوادر مثلا في كتاب مشهور معروف كالهداية والمبسوط كان ذلك تعويلا على ذلك الكتاب فتح. وأقره في البحر والنهر والمنح. قلت: يلزم على هذا أن لا يجوز الآن النقل من أكثر الكتب المطولة ومن الشروح، أو الفتاوى المشهورة أسماؤها لكنها لم تتداولها الأيدي حتى صارت بمنزلة الخبر المتواتر المشهورة لكونها لا توجد إلا في بعض المدارس أو عند بعض الناس كالمبسوط والمحيط والبدائع، وفيه نظر بل الظاهر أنه لا يلزم التواتر بل يكفي غلبة الظن بكون ذلك الكتاب وهو المسمى بذلك الاسم بأن وجد العلماء ينقلون عنه، ورأى ما نقلوه عنه موجودا فيه أو وجد منه أكثر من نسخة، فإنه يغلب على الظن أنه هو يدل على ذلك قوله إما أن يكون له سند فيه أي فيما ينقله والسند لا يلزم تواتره ولا شهرته، وأيضا قدمنا أن القاضي إذا أشكل عليه أمر يكتب فيه إلى فقهاء مصر آخر وأن المشاورة بالكتاب سنة قديمة في الحوادث الشرعية ولا شك أن احتمال التزوير في هذا الكتاب اليسير أكثر من احتماله في شرح كبير بخط قديم، ولا سيما إذا رأى عليه خط بعض العلماء، فيتعين الاكتفاء بغلبه الظن، لئلا يلزم هجر معظم كتب الشريعة من فقه وغيره ولا سيما في مثل زماننا والله سبحانه أعلم. (قوله: ولا يطلب القضاء) لما أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل القضاء وكل إلى نفسه ومن أجبر عليه ينزل إليه ملك يسدده» وأخرج البخاري: «قال صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها» وإذا كان كذلك وجب أن لا يحل له؛ لأنه معلوم وقوع الفساد منه؛ لأنه مخذول فتح ملخصا. (قوله: بقلبه) أراد بهذا أن يفرق بين الطلب والسؤال فالأول للقلب والثاني للسان كما في المستصفى وتمامه في النهر. (قوله: في الخلاصة إلخ) أفاد أنه كما لا يحل الطلب لا تحل التولية كما في النهر وأن ذلك لا يختص بالقضاء بل كل ولاية ولو خاصة كولاية على وقف أو يتيم فهي كذلك كما في البحر. (قوله: إلا إذا تعين عليه القضاء إلخ) استثناء مما في المتن ومما في الخلاصة، أما إذا تعين بأن لم يكن أحد غيره يصلح للقضاء وجب عليه الطلب صيانة لحقوق المسلمين، ودفعا لظلم الظالمين ولم أر حكم ما إذا تعين، ولم يول إلا بمال هل يحل بذله وكذا لم أر جواز عزله، وينبغي أن يحل بذله للمال كما حل طلبه وأن يحرم عزله حيث تعين، وأن لا يصح بحر قال في النهر: هذا ظاهر في صحة توليته وإطلاق المصنف يعني قوله: ولو أخذ القضاء بالرشوة لا يصير قاضيا برده وأما عدم صحة عزله فممنوع قال في الفتح للسلطان أن يعزل القاضي بريبة، وبلا ريبة ولا ينعزل حتى يبلغه العزل ا هـ. نعم لو قيل لا يحل عزله في هذه الحالة لم يبعد كالوصي العدل ا هـ. قلت: وأيضا حيث تعين عليه يخرج عن عهدة الوجوب بالسؤال فإذا منعه السلطان أثم بالمنع؛ ولأنه إذا منع الأولى وولى غيره يكون قد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين كما مر في الحديث، وإذا منعه لم يبق واجبا عليه، فبأي وجه يحل له دفع الرشوة وقد قال بعض علمائنا: إن فرضية الحج تسقط بدفع الرشوة إلى الأعراب كما قدمناه في بابه فهذا أولى كما لا يخفى. وأما صحة عزله فظاهرة؛ لأنه وكيل عن السلطان وإثمه بعزله لا يلزم منه عدم صحة العزل كالوصي العدل المنصوب ومن جهة القاضي، وأما المنصوص من جهة الميت، فالمعتمد عدم صحة عزله لكن الفرق بينه وبين ما نحن فيه أن الوصي خليفة الميت فليس للقاضي عزله وأما القاضي فهو خليفة عن السلطان وولايته مستمدة منه فله عزله كوصي القاضي هذا ما ظهر لي. (قوله: أو كانت التولية مشروطة له) ذكره في النهر بحثا معللا بأنه حينئذ يطلب تنفيذ شرط الواقف ا هـ. قلت: وهذا في الحقيقة ليس طالبا من القاضي أن يوليه؛ لأنه متول بالشرط، بل يريد إثبات ذلك في وجه من يعارضه ومثله وصي الميت إذا أراد إثبات وصايته وبهذا سقط قوله في البحر إن ظاهر كلامهم أنه لا تطلب التولية على الوقف ولو كانت بشرط الواقف له لإطلاقهم ا هـ. (قوله: أو ادعى إلخ) أي فإن له طلب العود من القاضي الجديد وحين ذلك يقول له القاضي: أثبت أنك أهل للولاية ثم يوليه نص عليه الخصاف نهر. (قوله: لخامل الذكر) وهو بالخاء المعجمة غير المشهور. (قوله: ويختار المقلد) بصيغة اسم الفاعل وقدمنا قبيل قوله وشرط أهليتها عن الفتح من له ولاية التقليد، والظاهر أن هذا الاختيار واجب لئلا يكون خائنا لله ورسوله وعامة المؤمنين كما مر في الحديث. (قوله: ولا يكون فظا إلخ) الفظ هو الجافي سيئ الخلق والغليظ قاسي القلب والجبار من جبره على الأمر بمعنى أجبره أي لا يجبر غيره على ما لا يريد والعنيد المعاند المجانب للحق المعادي لأهله بحر عن مسكين. (قوله: لأنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي في إمضاء الأحكام الشرعية. (قوله: أي أخذ القضاء) هذا يناسب كون العبارة التقلد قال في البحر وهما نسختان أي في الكنز التقليد أي النصب من السلطان والتقلد أي قبول تقليد القضاء وهي الأولى ا هـ. وهي التي شرح عليها المصنف وقال أيضا إنها أولى قلت: ويمكن إرجاع الأولى إلى الثانية بتقدير مضاف أي قبول التقليد، وهو معنى قول الشارح أي أخذ القضاء. (قوله: لمن خاف الحيف) فلو كان غالب ظنه أنه يجوز في الحكم ينبغي أن يكون حراما بحر. (قوله: أو العجز) يحتمل أن يراد به العجز عن سماع دعاوى كل الخصوم بأن قدر على البعض فقط وأن يراد العجز عن القيام بواجباته ومن إظهار الحق وعدم أخذه الرشوة فعلى الأول هو مباين وعلى الثاني أعم تأمل. (قوله: ابن كمال) أي نقلا عن القدوري. (قوله: وإن تعين له) أي مع خوف الحيف قال في الفتح ومحل الكراهة ما إذا لم يتعين عليه فإن انحصر صار فرض عين عليه، وعليه ضبط نفسه إلا إذا كان السلطان يمكن أن يفصل الخصومات ويتفرغ لذلك ا هـ. مطلب للسلطان أن يقضي بين الخصمين وهذا صريح في أن للسلطان أن يقضي بين الخصمين، وقدمنا التصريح به عن ابن الغرس عند قوله وحاكم قال الرملي وفي الخلاصة وفي النوازل: أنه لا ينفذ وفي أدب القاضي للخصاف ينفذ وهو الأصح، وقال القاضي الإمام ينفذ وهذا أصح وبه يفتى ا هـ. [تنبيه] لو تعين عليه هل يجبر على القبول لو امتنع قال في البحر: لم أره والظاهر نعم وكذا جواز جبر واحد من المتأهلين ا هـ. لكن صرح في الاختيار بأن من تعين له يفترض عليه ولو امتنع لا يجبر عليه. (قوله: والتقلد) أي الدخول فيه عند الأمن وعدم التعين. مطلب ما كان فرض كفاية يكون أدنى فعله الندب (قوله: والترك عزيمة إلخ) هو الصحيح كما في النهر عن النهاية، وبه جزم في الفتح معللا بأن الغالب خطأ ظن من ظن من نفسه الاعتدال، فيظهر منه خلافه، وقيل: وإن الدخول فيه عزيمة والامتناع رخصة، فالأولى الدخول فيه قال في الكفاية فإن قيل: إذا كان فرض كفاية كان الدخول فيه مندوبا لما أن أدني درجات فرض الكفاية الندب كما في صلاة الجنازة ونحوها قلنا نعم كذلك إلا أن فيه خطرا عظيما، وأمرا مخوفا لا يسلم في بحره كل سابح، ولا ينجو منه كل طامح إلا من عصمه الله تعالى وهو عزيز وجوده. مطلب أبو حنيفة دعي إلى القضاء ثلاث مرات فأبى ألا ترى أن أبا حنيفة دعي إلى القضاء ثلاث مرات فأبى حتى ضرب في كل مرة ثلاثين سوطا، فلما كان في المرة الثالثة قال حتى أستشير أصحابي، فاستشار أبا يوسف فقال لو تقلدت لنفعت الناس فنظر إليه أبو حنيفة رحمه الله تعالى نظر المغضب، وقال: أرأيت لو أمرت أن أعبر البحر سباحة أكنت أقدر عليه وكأني بك قاضيا، وكذا دعي محمد رحمه الله إلى القضاء فأبى حتى قيد وحبس واضطر فتقلد ا هـ. (قوله: ويحرم على غير الأهل) الظاهر أنه ليس المراد بالأهل هنا ما مر في قوله: وأهله أهل الشهادة؛ لأن المراد به من تصح توليته ولو فاسقا أو جائرا أو جاهلا مع قطع النظر عن حله أو حرمته، بل المراد به هنا ما مر في قوله: وينبغي أن يكون موثوقا به في عفافه وعقله إلخ، ويحتمل أن يراد به الجاهل تأمل. وفي الفتح وأخرج أبو داود عن بريدة عن أبيه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القضاة ثلاثة: اثنان في النار وواحد في الجنة رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة ورجل عرف الحق فلم يقض وجار في الحكم فهو في النار ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار». (قوله: ويجوز تقلد القضاء من السلطان العادل والجائر) أي الظالم وهذا ظاهر في اختصاص تولية القضاء بالسلطان ونحوه كالخليفة، حتى لو اجتمع أهل بلدة على تولية واحد القضاء لم يصح بخلاف ما لو ولوا سلطانا بعد موت سلطانهم كما في البزازية نهر وتمامه فيه. قلت: وهذا حيث لا ضرورة وإلا فلهم تولية القاضي أيضا كما يأتي بعده. (قوله: ولو كافرا) في التتارخانية الإسلام ليس بشرط فيه أي في السلطان الذي يقلد، وبلاد الإسلام التي في أيدي الكفرة لا شك أنها بلاد الإسلام لا بلاد الحرب؛ لأنهم لم يظهروا فيها حكم الكفر، والقضاة مسلمون والملوك الذين يطيعونهم عن ضرورة مسلمون ولو كانت عن غير ضرورة منهم ففساق وكل مصر فيه وال من جهتهم تجوز فيه إقامة الجمع والأعياد وأخذ الخراج وتقليد القضاة، وتزويج الأيامى لاستيلاء المسلم عليه وأما إطاعة الكفر فذاك مخادعة، وأما بلاد عليها ولاة كفار فيجوز للمسلمين إقامة الجمع والأعياد ويصير القاضي قاضيا بتراضي المسلمين، فيجب عليهم أن يلتمسوا واليا مسلما منهم ا هـ. وعزاه مسكين في شرحه إلى الأصل ونحوه في جامع الفصولين.مطلب في حكم تولية القضاء في بلاد تغلب عليها الكفار وفي الفتح: وإذا لم يكن سلطان، ولا من يجوز التقلد منه كما هو في بعض بلاد المسلمين غلب عليهم الكفار كقرطبة الآن يجب على المسلمين أن يتفقوا على واحد منهم، ويجعلونه واليا فيولى قاضيا ويكون هو الذي يقضي بينهم وكذا ينصبوا إماما يصلي بهم الجمعة ا هـ. وهذا هو الذي تطمئن النفس إليه فليعتمد نهر، والإشارة بقوله: وهذا إلى ما أفاده كلام الفتح من عدم صحة تقلد القضاء من كافر على خلاف ما مر عن التتارخانية، ولكن إذا ولى الكافر عليهم قاضيا ورضيه المسلمون صحت توليته بلا شبهة تأمل، ثم إن الظاهر أن البلاد التي ليست تحت حكم سلطان بل لهم أمير منهم مستقل بالحكم عليهم بالتغلب أو باتفاقهم عليه يكون ذلك الأمير في حكم السلطان فيصح منه تولية القاضي عليهم. (قوله: ومن سلطان الخوارج وأهل البغي) تقدم الفرق بينهما في باب البغاة. (قوله: صح العزل) فإذا ولى سلطان البغاة باغيا وعزل العدل، ثم ظهرنا عليهم احتاج قاضي أهل العدل إلى تجديد التولية نهر. (قوله: نفذه) أي حيث كان موافقا أو مختلفا فيه كما في سائر القضاة وهو مصرح به في فصول العمادي، ويدل بمفهومه على أن القاضي لو كان من البغاة فإن قضاياه تنفذ كسائر فساق أهل العدل؛ ولأن الفاسق يصلح قاضيا في الأصح، وذكر في الفصول ثلاثة أقوال فيه: الأول ما ذكرنا وهو المعتمد. الثاني عدم النفاذ، فإذا رفع إلى العادل لا يمضيه. الثالث حكمه حكم المحكم بمضيه لو وافق رأيه وإلا أبطله ا هـ. بحر. (قوله: وبه جزم الناصحي) لكن قد علمت ما هو المعتمد. مطلب في العمل بالسجلات وكتب الأوقاف القديمة (قوله: فإذا تقلد طلب ديوان قاض قبله) في القاموس الديوان ويفتح مجتمع الصحف والكتاب يكتب فيه أهل الجيش، وأهل العطية وأول من وضعه عمر رضي الله تعالى عنه جمعه دواوين ودياوين ا هـ. فقوله: مجتمع الصحف بمعنى قول الكنز، وهو الحوائط التي فيها السجلات والمحاضرات وغيرها، والخرائط جمع خريطة شبه الكيس، وقول الشارح: يعني السجلات تفسير بالمعنى الثاني، وقول البحر تبعا لمسكين أن ما في الكنز مجاز؛ لأن الديوان نفس السجلات والمحاضر لا الكيس فيه نظر فافهم والسجل لغة: كتاب القاضي والمحاضر جمع محضر وفي الدرر أن المحضر ما كتب فيه ما جرى بين الخصمين من إقرار أو إنكار، والحكم ببينة أو نكول على وجه يرفع الاشتباه، وكذا السجل والصك ما كتب فيه البيع والرهن والإقرار وغيرها والحجة والوثيقة؛ يتناولان الثلاثة ا هـ. والعرف الآن ما كتب في الواقعة وبقي عند القاضي وليس عليه خطه والحجة ما عليه علامة القاضي أعلاه وخط الشاهدين أسفله وأعطي للخصم. بحر ملخصا وإنما يطلبه؛ لأن الديوان وضع ليكون حجة عند الحاجة فيجعل في يده ومن له ولاية القضاء، وما في يد الخصم لا يؤمن عليه التغيير بزيادة أو نقصان ثم إن كانت الأوراق من بيت المال فلا إشكال في وجوب تسليمها إلى الجديد، وكذا لو من مال الخصوم أو من مال القاضي في الصحيح؛ لأنهم وضعوها في يد القاضي لعمله وكذا القاضي يحمل على أنه عمل ذلك تدينا لا تمولا وتمامه في الزيلعي، [تنبيه] مفاد قول الزيلعي ليكون حجة عند الحاجة، ومثله في الفتح أنه يجوز للجديد الاعتماد على سجل المعزول مع أنه يأتي أنه لا يعمل بقول المعزول وفي الأشباه لا يعتمد على الخط ولا يعمل بمكتوب الوقف الذي عليه خطوط القضاة الماضين، لكن قال البيري المراد من قوله لا يعتمد أي لا يقضي بذلك عند المنازعة؛ لأن الخط مما يزور ويفتعل كما في مختصر الظهيرية. وليس منه ما في الأجناس بنص وما وجده القاضي بأيدي القضاة الذين كانوا قبله لها رسوم في دواوين القضاة أجريت على الرسوم الموجودة في دواوينهم، وإن كان الشهود الذين شهدوا عليها قد ماتوا قال الشيخ أبو العباس يجوز الرجوع في الحكم إلى دواوين من كان قبله ومن الأمناء ا هـ. أي لأن سجل القاضي لا يزور عادة، وحيث كان محفوظا عند الأمناء، بخلاف ما كان بيد الخصم وقدمنا في الوقف عن الخيرية أنه إن كان للوقف كتاب في سجل القضاة وهو في أيديهم اتبع ما فيه استحسانا إذا تنازع أهله فيه، وصرح أيضا في الإسعاف وغيره بأن العمل بما في دواوين القضاة استحسان، والظاهر أن وجه الاستحسان ضرورة إحياء الأوقاف ونحوها عند تقادم الزمان بخلاف السجل الجديد، لإمكان الوقف على حقيقة ما فيه بإقرار الخصم أو البينة، فلذا لا يعتمد عليه وعلى هذا فقول الزيلعي، وليكون حجة عند الحاجة معناه عند تقادم الزمان، وبهذا يتأيد ما قاله المحقق هبة الله البعلي في شرحه على الأشباه بعد ما مر عن البيري من أن هذا صريح في جواز العمل بالحجة، وإن مات شهودها حيث كان مضمونها ثابتا في السجل المحفوظ ا هـ. لكن لا بد من تقييده بتقادم العهد كما قلنا توفيقا بين كلامهم، ويأتي تمام الكلام على الخط في باب كتاب القاضي وانظر ما كتبناه في دعوى تنقيح الفتاوى الحامدية. (قوله: ونظر في حال المحبوسين إلخ) بأن يبعث إلى السجل من يعدهم بأسمائهم ثم يسأل عن سبب حبسهم، ولا بد أن يثبت عنده سبب وجوب حبسهم وثبوته عند الأول ليس بحجة يعتمدها الثاني في حبسهم؛ لأن قوله لم يبق حجة كذا في الفتح نهر. (قوله: إلا أطلقه) أي إن لم يكن له قضية، وعبارة النهر عن كتاب الخراج لأبي يوسف، فمن كان منهم من أهل الدعارة والتلصص والجنايات، ولزمه أدب أدبه ومن لم يكن له قضية خلى سبيله. (قوله: أو قامت عليه بينة) أعم من أن تشهد بأصل الحق أو بحكم القاضي عليه بحر. (قوله: ألزمه الحبس) أي أدام حبسه، بحر. (قوله: وقيل الحق) قائله في الفتح حيث قال: من اعترف بحق ألزمه إياه ورده إلى السجن، واعترضه في البحر بأنه لو اعترف بأنه أقر عند المعزول بالزنا لا يعتبر؛ لأنه بطل، بل يستقبل الأمر فإن أقر أربعا في أربعة مجالس حده ا هـ. وفيه أن المتبادر من الحق حق العبد. (قوله: وإلا) أي وإن لم يقر بشيء ولم تقم عليه بينة بل ادعى أنه حبس ظلما نهر. (قوله: نادى عليه) ويقول المنادي: من كان يطالب فلان بن فلان الفلاني بحق فليحضر زيلعي. (قوله: فإن أبى) عن إعطاء الكفيل وقال: لا كفيل لي بحر. (قوله: نادى عليه شهرا) أي يستأنفه بعد مدة المناداة الأولى. (قوله: في الودائع) أي ودائع اليتامى نهر. (قوله: ببينة) أي يقيمها الوصي مثلا على من هي تحت يده أنها ليتيم فلان أو ناظر الوقف أن هذه الغلة لوقف فلان، وكأنه مبني على عرفهم ومن أن الكل تحت يد أمين القاضي، وفي زماننا أموال الأوقاف تحت يد نظارها وودائع اليتامى تحت يد الأوصياء، ولو فرض أن المعزول وضع ذلك تحت يد أمين عمل القاضي بما ذكر نهر. (قوله: المولى) بتشديد اللام المفتوحة أي القاضي الجديد. (قوله: درر) ومثله في الهداية وغيرها. (قوله: ومفاده) أي مفاد قوله خصوصا بفعل نفسه، وأصل البحث لصاحب البحر، وقد رأيته صريحا في كافي الحاكم ونصه وإذا عزل عن القضاء، ثم قال: كنت قضيت لهذا على هذا بكذا وكذا لم يقبل قوله فيه وإن شهد مع آخر لم تقبل شهادته حتى يشهد شاهدان سواه ا هـ. ومثله في القهستاني عن المبسوط. (قوله: وتبعه ابن نجيم) أي في فتاواه وأما ما ذكره في بحره، فقد علمت موافقته لما في النهر وعبارة فتاواه التي رتبها له تلميذه المصنف هكذا سئل عن الحاكم إذا أخبر حاكما آخر بقضية هل يكتفي بإخباره ويسوغ له الحكم بذلك أم لا بد من شاهد آخر معه؟ أجاب: لا يكتفي بإخباره ولا بد من شاهد آخر معه قال المرتب لهذه الفتاوى، وقد تبع شيخنا في ذلك ما أفتى به الشيخ سراج الدين قارئ الهداية ولا شك أن هذا قول محمد، وأن الشيخين قالا بقبول إخباره عن إقراره بشيء مطلقا إذا كان لا يصح رجوعه عنه، ووافقهما محمد ثم رجع عنه وقال: لا يقبل إلا بضم رجل آخر عدل إليه وهو المراد بقول من روى عنه أنه لا يقبل مطلقا، ثم صح رجوعه قولهما كما في البحر ثم قال: وأما إذا أخبر القاضي بإقراره عن شيء يصح رجوعه كالحد لم يقبل قوله بالإجماع وإن أخبر عن ثبوت الحق بالبينة فقال قامت بذلك بينة، وعدلوا أو قبلت شهادتهم على ذلك يقبل في الوجهين جميعا انتهى كلامه، انتهى ما في الفتاوى. أقول: وحاصله أن القاضي لو أخبر عن إقرار رجل بما لا يصح رجوعه عنه كبيع أو قرض مثلا يقبل عندهما مطلقا ووافقهما محمد أولا ثم رجع وقال لا يقبل ما لم يشهد معه آخر ثم رجوعه إلى قولهما بالقبول مطلقا كما لو أخبر عن حكمه بثبوت حق بالبينة، فعلى هذا لم يبق خلاف في قبول قول القاضي، ولا يخفى أن كلامنا في المعزول وهذا في المولى كما يعلم من شرح أدب القضاء وكذا مما سيأتي قبيل كتاب الشهادات عند قوله ولو قال قاض عدل قضيت على هذا بالرجم إلخ وبه يشعر أصل السؤال حيث عبر بالحاكم وعبارة قارئ الهداية كذلك وبه علم أن الاستدراك على ما في النهر في غير محله. (قوله: فيقبل قوله) أي قول المعزول وشمل ثلاث صور ما إذا قال ذو اليد بعد إقرار بتسليم القاضي المعزول إليه أنها لزيد الذي أقر له المعزول أو قال: إنها لغيره أو قال لا أدري؛ لأنه في هذه الثلاث ثبت بإقراره أنه مودع المعزول، ويد المودع كيده فصار كأنه في يد المعزول فيقبل إقراره به كما في الزيلعي بخلاف ما إذا أنكر ذو اليد التسليم فإنه لا يقبل قول المعزول كما في البحر. (قوله: فيسلم لمقر له الأول) لأنه لما بدأ بالإقرار صح إقراره ولزم؛ لأنه أقر بما هو في يده فلما قال دفعه إلى القاضي فقد أقر أن اليد كانت للقاضي، والقاضي يقر به لآخر فيصير هو بإقراره متلفا لذلك على من أقر له القاضي فتح ثم قال فرع يناسب هذا لو شهد شاهدان أن القاضي قضى لفلان على فلان بكذا، وقال القاضي: لم أقض بشيء لا تجوز شهادتهما عندهما ويعتبر قول القاضي، وعند محمد تقبل وينفذ ذلك ا هـ. وقدمنا عن البحر أنه في جامع الفصولين رجح قول محمد لفساد الزمان. (قوله: ويقضي في المسجد) وبه قال أحمد ومالك وفي الصحيح عنه خلافا للشافعي له أن القضاء بحضرة المشرك وهو نجس بالنص وقد طال في الفتح في الاستدلال للمذهب ثم قال: وأما نجاسة المشرك ففي الاعتقاد على معنى التشبيه، والحائض يخرج إليها أو يرسل نائبه كما لو كانت الدعوى في دابة، وتمام الفروع فيه وفي البحر. (قوله: ويستدبر) أي ندبا كما في الذي قبله ط. مطلب في أجرة المحضر (قوله: وأجرة المحضر إلخ) بضم أوله وكسر ثالثه هو من يحضر الخصم، وعبارة البحر هكذا وفي البزازية: ويستعين بأعوان الوالي على الإحضار، وأجرة الأشخاص في بيت المال وقيل على المتردد في المصر ومن نصف درهم إلى درهم وفي خارجه لكل فرسخ ثلاثة دراهم أو أربعة، وأجرة الموكل على المدعي وهو الأصح وفي الذخيرة أنه المشخص وهو المأمور بملازمة المدعى عليه ا هـ. والإشخاص بالكسر بمعنى الإحضار فقد فرق بين المحضر وبين الملازم، وهذا غير ما نقله الشارح فتأمل. وفي منية المفتي مؤنة المشخص قيل في بيت المال وفي الأصح على المتمرد ا هـ. وهذا ما في الخانية. والحاصل: أن الصحيح أن أجرة المشخص بمعنى الملازم على المدعي وبمعنى الرسول المحضر على المدعى عليه لو تمرد بمعنى امتنع عن الحضور وإلا فعلى المدعي، هذا خلاصة ما في شرح الوهبانية. (قوله: أو في داره) لأن العبادة لا تتقيد بمكان، والأولى أن تكون الدار وفي وسط البلد كالمسجد نهر. مطلب في هدية القاضي (قوله: ويرد هدية) الأصل في ذلك وما في البخاري، عن أبي حميد الساعدي «قال استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا لي قال عليه الصلاة والسلام هلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى له أم لا» قال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية واليوم رشوة. ذكره البخاري، واستعمل عمر أبا هريرة فقدم بمال فقال له من أين لك هذا؟ قال: تلاحقت الهدايا فقال له عمر أي عدو الله هلا قعدت في بيتك، فتنظر أيهدى لك أم لا فأخذ ذلك منه، وجعله في بيت المال، وتعليل النبي صلى الله عليه وسلم دليل على تحريم الهدية التي سببها الولاية فتح قال في البحر: وذكر الهدية ليس احترازيا إذ يحرم عليه الاستقراض والاستعارة ممن يحرم عليه قبول هديته كما في الخانية ا هـ. قلت: ومقتضاه أنه يحرم عليه سائر التبرعات، فتحرم المحاباة أيضا، ولذا قالوا له أخذ أجرة كتابة الصك بقدر أجر المثل. فإن مفاده أنه لا يحل له أخذ الزيادة؛ لأنها محاباة وعلى هذا فما يفعله بعضهم من شراء الهداية بشيء يسير أو بيع الصك بشيء كثير لا يحل وكذا ما يفعله بعضهم حين أخذ المحصول من أنه يبيع به الدافع دواة أو سكينا أو نحو ذلك لا يحل؛ لأنه إذا حرم الاستقراض والاستعارة فهذا أولى. (قوله: وهي إلخ) عزاه في الفتح إلى شرح الأقطع. (قوله: وضعها في بيت المال) أي إلى أن يحضر صلبها فتدفع له بمنزلة اللقطة كما في الفتح. (قوله: وفيها إلخ) أي في التتارخانية وهذا مخالف لما ذكره أولا فيها في حق الإمام ويؤيد الأول ما مر عن الفتح من أن تعليل النبي صلى الله عليه وسلم دليل على تحريم الهدية التي سببها الولاية وكذا قوله وكل من عمل للمسلمين عملا حكمه في الهدية حكم القاضي ا هـ. مطلب في حكم الهدية للمفتي واعترضه في البحر بما ذكره الشارح عن التتارخانية وبما في الخانية من أنه يجوز للإمام والمفتي قبول الهدية وإجابة الدعوة الخاصة ثم قال إلا أن يراد بالإمام إمام الجامع: أي وأما الإمام بمعنى الولي فلا تحل الهدية فلا منافاة وهذا هو المناسب للأدلة؛ ولأنه رأس العمال قال في النهر: والظاهر أن المراد بالعمل ولاية ناشئة عن الإمام أو نائبه كالساعي والعاشر ا هـ. قلت: ومثلهم مشايخ القرى والحرف وغيرهم ممن لهم قهر وتسلط على من دونهم فإنه يهدي إليهم خوفا من شرهم أو ليروج عندهم وظاهر قوله ناشئة عن الإمام إلخ دخول المفتي إذا كان منصوبا من طرف الإمام أو نائبه، لكنه مخالف لاطلاقهم جواز قبول الهدية له وإلا لزم كون إمام الجامع والمدرس المنصوبين من طرف الإمام كذلك إلا أن يفرق بأن المفتي يطلب منه المهدي المساعدة على دعواه ونصره على خصمه فيكون بمنزلة القاضي لكن يلزم من هذا الفرق أن المفتي لو لم يكن منصوبا من الإمام يكون كذلك فيخالف ما صرحوا به من جوازها للمفتي فإن الفرق بينه وبين القاضي واضح فإن القاضي ملزم وخليفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تنفيذ الأحكام فأخذه الهدية يكون رشوة على الحكم الذي يؤمله المهدي ويلزم منه بطلان حكمه والمفتي ليس كذلك وقد يقال: إن مرادهم بجوازها للمفتي إذا كانت لعلمه لا لإعانته للمهدي بدليل التعليل الذي نقله الشارح فإذا كانت لإعانته صدق عليها حد الرشوة لكن المذكور في حدها شرط الإعانة وقدمنا عن الفتح عن الأقضية أنه لو أهداه ليعينه عند السلطان بلا شرط لكن يعلم يقينا أنه إنما يهدي ليعينه فمشايخنا على أنه لا بأس به إلخ وهذا يشمل ما إذا كان من العمال أو غيرهم. وعن هذا قال في جامع الفصولين القاضي لا يقبل الهدية من رجل لو لم يكن قاضيا لا يهدي إليه ويكون ذلك بمنزلة الشرط ثم قال أقول: يخالفه ما ذكر في الأقضية إلخ، قلت: والظاهر عدم المخالفة؛ لأن القاضي منصوص على أنه لا يقبل الهدية على التفصيل الآتي فما في الأقضية مفروض في غيره فيحتمل أن يكون المفتي مثله في ذلك، ويحتمل أن لا يكون والله سبحانه أعلم. بحقيقة الحال، ولا شك أن عدم القبول هو المقبول ورأيت في حاشية شرح المنهج للعلامة محمد الداودي الشافعي ما نصه قال ع ش: ومن العمال مشايخ الأسواق والبلدان، ومباشرو الأوقاف وكل من يتعاطى أمرا يتعلق بالمسلمين انتهى قال م ر في شرحه: ولا يلحق بالقاضي فيما ذكر المفتي والواعظ، ومعلم القرآن والعلم؛ لأنهم ليس لهم أهلية الإلزام، والأولى في حقهم إن كانت الهدية، لأجل ما يحصل منهم من الإفتاء والوعظ والتعليم عدم القبول ليكون علمهم خالصا لله تعالى، وإن أهدي إليهم تحببا وتوددا لعلمهم وصلاحهم فالأولى القبول وأما إذا أخذ المفتي الهدية ليرخص في الفتوى فإن كان بوجه باطل فهو رجل فاجر يبدل أحكام الله تعالى، ويشتري بها ثمنا قليلا، وإن كان بوجه صحيح فهو مكروه كراهة شديدة انتهى، هذا كلامه وقواعدنا لا تأباه، ولا حول ولا قوة إلا بالله وأما إذا أخذ لا ليرخص له بل لبيان الحكم الشرعي، فهذا ما ذكره أولا وهذا إذا لم يكن بطريق الأجرة بل مجرد هدية؛ لأن أخذ الأجرة على بيان الحكم الشرعي لا يحل عندنا، وإنما يحل على الكتابة؛ لأنها غير واجبة عليه والله سبحانه أعلم. (قوله: السلطان والباشا) عزاه في الأشباه إلى تهذيب القلانسي قال الحموي: وفيه فصول إذ لا يشمل القاضي الذي يتولى منه، وهو قاضي العسكر لقضاة الأقطار وعبارة القلانسي، ولا يقبل الهدية إلا من ذي رحم محرم أو وال يتولى الأمر منه أو وال مقدم الولاية على القضاة ومعناه أنه يقبل الهدية من الوالي الذي تولى القضاء منه وكذا من وال مقدم عليه في الرتبة فإنه يشمل القاضي الذي تولى منه والباشا ووجهه أن منع قبولها إنما هو للخوف من مراعاته لأجلها وهو إن راعى الملك ونائبه لم يراعه لأجلها. (قوله: المحرم) هذا القيد لا بد منه ليخرج ابن العم نهر. (قوله: أو ممن جرت عادته بذلك) قال في الأشباه: ولم أر بماذا تثبت العادة ونقل الحموي عن بعضهم أنها تثبت بمرة، ثم إن ظاهر العطف أن قبولها من القريب غير مقيد بجري العادة منه، وهو ظاهر إطلاق القدوري والهداية وفي النهاية عن شيخ الإسلام أنه قيد فيه أيضا وتمامه في النهر. (قوله: بقدر عادته) فلو زاد لا يقبل الزيادة وذكر فخر الإسلام إلا أن يكون مال المهدي قد زاد، فبقدر ما زاد ماله إذا زاد في الهدية لا بأس بقبولها فتح قال في الأشباه: وظاهر كلامه أنه زاد في القدر، فلو في المعنى كأن كانت عادته إهداء ثوب كتان فأهدى ثوبا حريرا لم أره لأصحابنا، وينبغي وجوب رد الكل لا بقدر ما زاد في قيمته لعدم تمييزها، ونظر فيه في حواشي الأشباه. [تنبيه] في الفتح: ويجب أن تكون هدية المستقرض للمقرض كالهدية للقاضي إن كان المستقرض له عادة قبل استقراضه فللمقرض أن يقبل منه قدر ما كان يهديه بلا زيادة ا هـ. قال في البحر: وهو سهو والمنقول كما قدمناه آخر الحوالة أنه يحل حيث لم يكن مشروطا مطلقا ا هـ. وأجاب المقدسي بأن كلام المحقق في الفتح مبني على مقتضى الدليل. (قوله: ولا خصومة لهما) فإن قبلها بعد انقطاع الخصومة جاز ابن ملك وذكره في النهر بحثا وفي ط عن الحموي إلا أن يكون ممن لا تتناهى خصوماته كنظار الأوقاف ومباشريها ا هـ. قال في البحر: والحاصل أن من له خصومة لا يقبلها مطلقا ومن لا خصومة له فإن كان له عادة قبل القضاء قبل المعتاد وإلا فلا ا هـ. أي سواء كان محرما أو غيره على ما مر عن شيخ الإسلام. (قوله: دعوة خاصة) الدعوة إلى الطعام بفتح الدال عند أكثر العرب وبعضهم يكسرها كما في المصباح، فلو عامة له حضورها لولا خصومة لصاحبها كما في الفتح. (قوله: وهي إلخ) هذا هو المصحح في تفسيرها وقيل العامة دعوة العرس والختان وما سواهما خاصة، وقيل إن كانت لخمسة إلى عشرة فخاصة وإن لأكثر فعامة وتمامه في البحر والنهر. (قوله: وقيل هي كالهدية) ظاهر الفتح اعتماده فإنه قال بعد كلام فقد آل الحال إلى أنه لا فرق بين القريب والغريب وفي الهدية والضيافة وكذا قال في البحر: الأحسن أن يقال ولا يقبل هدية ودعوة خاصة إلا من محرم أو ممن له عادة فإن للقاضي أن يجيب الدعوة الخاصة من أجنبي له عادة باتخاذها كالهدية، فلو كان من عادته الدعوة له في كل شهر مرة فدعاه كل أسبوع بعد القضاء لا يجيبه ولو اتخذ له طعاما أكثر من الأول لا يجيبه إلا أن يكون ماله قد زاد كذا في التتارخانية ا هـ. (قوله: ولا يجيب دعوة خصم) هو ما ذكره في شرح المجمع لابن ملك، وقدمناه عن الفتح، وقوله: وغير معتاد هو ما ذكره في السراج كما عزاه إليه المصنف في المنح وهذا لا يناسب القيل المذكور قبله؛ لأنه يلزم أن تكون العامة كالخاصة وهو خلاف تقييدهم المنع بالخاصة فقط تأمل (قوله: ويعود المريض) إلا أنه لا يطيل المكث عنده بحر. (قوله: إن لم يكن لهما ولا عليهما دعوى) الذي في الفتح وغيره الاقتصار على ذكر المريض تأمل. (قوله: ويسوي وجوبا بين الخصمين إلخ) إطلاقه يعم الصغير والكبير والخليفة والرعية والدنيء والشريف والأب والابن والمسلم والكافر إلا إذا كان المدعى عليه هو الخليفة ينبغي للقاضي أن يقوم من مقامه، وأن يجلسه مع خصمه، ويقعد هو على الأرض ثم يقضي بينهما ولا ينبغي أن يجلس أحدهما عن يمينه، والآخر عن يساره؛ لأن لليمين فضلا ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص به الشيخين بل المستحب باتفاق أهل العلم أن يجلسهما بين يديه كالمتعلم بين يدي معلمه، ويكون بعدهما عنه قدر ذراعين أو نحوهما ولا يمكنهما من التربع ونحوه، ويكون أعوانه قائمة بين يديه وأما قيام الأخصام بين يديه فليس معروفا، وإنما حدث لما فيه من الحاجة إليه والناس مختلفو الأحوال والأدب وقد حدث في هذا الزمان أمور وسفهاء، فيعمل القاضي بمقتضى الحال كذا في الفتح يعني فمنهم من لا يستحق الجلوس بين يديه، ومنهم من يستحق فيعطي كل إنسان ما يستحقه بقي ما لو كان أحدهما يستحقه دون الآخر وأبى الآخر إلا القيام لم أر المسألة وقياس ما في الفتح أن القاضي لا يلتفت إليه نهر. (قوله: وإقبالا) أي نظرا قهستاني والأولى تفسيره بالتوجيه إليه صورة أو معنى لئلا يتكرر بما بعده. (قوله: ويمتنع من مساواة أحدهما) أي يجتنب التكلم معه خفية، وكذا القائم بين يديه كما في الولوالجية وهو الجلواز الذي يمنع الناس من التقدم إليه بل يقيمهم بين يديه على البعد ومعه سوط والشهود يقربون نهر. (قوله: والإشارة إليه) مستدرك بما قبله ط. (قوله: ورفع صوته عليه) ينبغي أن يستثني ما لو كان بسبب كإساءة أدب ونحوه. (قوله: لو فعل ذلك) أي الضيافة. وقال في النهر أيضا وقياسه أنه لو سارهما أو أشار إليهما معا جاز. (قوله: ولا يمزح) أي يداعب في الكلام من باب نفع. (قوله: في مجلس الحكم) أما في غيره فلا يكثر منه؛ لأنه يذهب بالمهابة بحر. (قوله: عيني) عبارته وعن الثاني في رواية والشافعي في وجه لا بأس بتلقين الحجة ا هـ. وظاهره ضعفها، بل ظاهر الفتح أن هذا في تلقين الشاهد لا الخصم كما يأتي نعم في البحر عن الخانية، ولو أمر القاضي رجلين ليعلماه الدعوى والخصومة فلا بأس به خصوصا على قول أبي يوسف. (قوله: واستحسنه أبو يوسف) قال في الفتح وعن أبي يوسف وهو وجه للشافعي لا بأس به لمن استولته الحيرة أو الهيبة فترك شيئا من شرائط الشهادة فيعينه بقوله أتشهد بكذا وكذا بشرط كونه في غير موضع التهمة، وأما فيها بأن ادعى المدعي ألفا وخمسمائة والمدعى عليه ينكر الخمسمائة وشهد الشاهد بألف فيقول القاضي: يحتمل أنه أبرأ من الخمسمائة واستفاد الشاهد بذلك علما فوفق به في شهادته كما وفق القاضي، فهذا لا يجوز بالاتفاق كما في تلقين أحد الخصمين ا هـ. ثم ذكر أن ظاهر الهداية ترجيح قول أبي يوسف ا هـ. وحكاية الرواية في تلقين الشاهد والاتفاق في تلقين أحد الخصمين ينفي ما مر عن العيني تأمل. (قوله: لزيادة تجربته) قدمنا عن الكفاية أن محمدا تولى القضاء أيضا وذكر عبد القادر في طبقاته أن الرشيد ولاه قضاء الرقة ثم عزله وولاه قضاء الري ا هـ. والظاهر أن مدته لم تطل؛ ولذا لم يشتهر بالقضاء كما اشتهر أبو يوسف، فلم يحصل له من التجربة ما حصل لأبي يوسف؛ لأنه كان قاضي المشرق والمغرب وزيادة التجربة تفيد زيادة علم قال الحموي قال مجد الأئمة الترجماني والذي يؤيده وما ذكره في الفتاوى أن أبا حنيفة كان يقول الصدقة أفضل من حج التطوع، فلما حج وعرف مشاقه رجع وقال الحج أفضل ا هـ. (قوله: حتى بالقلب) أي لم يحصل منه ميل قلبه إلى عدم التسوية بين الخصمين بقرينة الاستثناء. (قوله: قلت ومفاده إلخ) قال في الفتح والدليل عليه قضية شريح مع علي فإنه قام وأجلس عليا مجلسه ا هـ. (قوله: وسيجيء) أي في آخر باب كتاب القاضي. (قوله: بلسان لا يعرفه الآخر) لأنه كالمسارة. (قوله: أحكم بينكما) أي ويقولان نعم احكم بيننا. (قوله: لم يلزمه) أفاد أنه لو استأنف براءة لعرضة لا بأس به. (قوله: نسخة السجل) أي كتاب القاضي الذي فيه حكمه المسمى الآن بالحجة. (قوله: ألزمه القاضي بذلك) الظاهر أن الإشارة للعرض على العلماء؛ لأن السجل أي الحجة لو كان ملكه لا يلزمه دفعه للمقضي عليه تأمل. (قوله: وفي الفتح إلخ) حيث قال وفي المبسوط ما حاصله أنه ينبغي للقاضي أن يعتذر للمقضي عليه ويبين له وجه قضائه ويبين له أنه فهم حجته، ولكن الحكم في الشرع كذا يقتضي القضاء عليه فلم يمكن غيره، ليكون ذلك أدفع لشكايته للناس، ونسبته إلى أنه جار عليه ومن يسمع يخل فربما تفسد العامة عرضه وهو بريء، وإذا أمكن إقامة الحق مع عدم إيغار الصدور كان أولى ا هـ. وفي الصحاح: الوغر شدة توقد الحر ومنه: قيل في صدره على وغر بالتسكين أي ضغن وعداوة وتوقد ومن الغيظ. (قوله: قصص الخصوم) جمع قصة وهي بالفتح الحصة والمراد بها هنا ورقة يكتب فيها قضيته مع خصمه ويسمى الآن عرض حال. (قوله: لا) أي لأن كلامه بلسانه أحسن من كتابته. (قوله: ولا يأخذ بما فيها) عبارة غيره ولا يؤاخذ أي لا يؤاخذ صاحبها بما كتبه فيها من إقرار ونحوه ما لم يقر بذلك صريحا؛ لأنه لا عبرة بمجرد الخط فافهم والله سبحانه أعلم.
|